عباد الرحمن
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

عباد الرحمن

سياسى اجتماعى دينى
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 التوبه النصوح للشيخ محمد حسان

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
braveheart
مؤسس المنتدى
مؤسس المنتدى
braveheart


ذكر عدد الرسائل : 138
تاريخ التسجيل : 24/11/2007

التوبه النصوح للشيخ محمد حسان Empty
مُساهمةموضوع: التوبه النصوح للشيخ محمد حسان   التوبه النصوح للشيخ محمد حسان I_icon_minitimeالسبت مارس 15, 2008 12:46 pm

التوبة النصوح


إن الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنا سيدنا محمداً عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح للأمة، فكشف الله به الغمة، وجاهد فى الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فاللهم اجزء عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته ورسولا عن دعوته ورسالته، وصل اللهم وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه وعلى كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلأى يوم الدين.

أما بعد: فحياكم الله جميعاً الأخوة الفضلاء، وطبتم وطاب ممشاكم، وتبوأتم جميعاً من الجنة منزلاً، وأسأل الله الحليم الكريم- جلا وعلا – الذى جمعنى مع حضراتكم فى هذا البيت الطيب المبارك على طاعته، أن يجمعنا فى الآخرة مع سيد الدعاة المصطفى فى جنته ودار مقامته، إنه ولى ذلك والقادر عليه.

أحبتى فى الله نحن اليوم على موعد مع التوبة النصوح وكما تعودت حتى لا ينسحب بساط الوقت سريعاً من تحت أقدامنا، فسوف ينتظم حديثى مع حضراتكم فى هذا الموضوع الجليل العظيم فى العناصر المحددة التالية:



أولاً: وجوب التوبة.

ثانياً: فضل التوبة..

ثالثاً: شموس مضيئة فى سماء التوبة..

رابعاً شروط التوبة..

خامساً : عقبات فى طريق التوبة وكيف الخلاص منها..



فأعيرونى القلوب وألأسماع فى هذه اللحظات، والله أسأل أن يتوب على وعليكم، وأن يستر على وعليكم فى الدنيا والآخرة، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُوْلَئِكَ هُمْ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ} (18) سورة الزمر

أولاً: وجوب التوبة..

أحبتى الكرام قال الإمام ابن القيم رحمة الله: أكثر الناس لا يعرفون قدر التوبة، ولا حقيقتها فضلا عن القيام بها، علماً وعملاً وحالاً، مع أن التوبة هى حقيقة دين الإسلام، والدين كله داخل فى مسمى التوبة، من أجل ذلك استحق التائب أن يكون حبيب الرحمن – جل وعلا – فأصل التوبة فى اللغة الرجوع يقال: تاب وآب وثاب بمعنى رجع، فالتائب إلى الله هو الراجع عن كل ما يكرهه الله ظاهراً وباطناً، إلى كل ما يحبه الله ظاهراً وباطنا.

ولقد تظاهرت وتضافرت أدلة القرآن والسنة، وإجماع الأمة على وجوب التوبة فى كل لحظة وحين، لأن المسلم لا يخلو من معصية ظاهرة أو باطنة. من أجل ذلك وجب عليه أن يجدد التوبة والأوبة إلى الله بعدد أانفاس حياته حتى يلقى الله – عز وجل – وهو على توبة قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} (Cool سورة التحريم ويقول الله عز وعلا: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (31) سورة النــور ويقول جل وعلا:
{وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (11) سورة الحجرات

وفى سنة النبى الأمين كما يقول المصطفى كما فى صحيح مسلم من حديث ابن عمر: "يا أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإنى أتوب إليه فى اليوم مائة مرة" ([1]) ... هذا نبينا وحبيبنا الذى غفر الله له



ما تقدم من ذنبه وما تأخر، يتوب إلى الله ويستغفر الله فى اليوم مائة مرة.

وفى لفظ البخارى: "فإنى أستغفر الله وأتوب إليه أكثر من سبعين مرة" ([2]) فإن كان المصطفى-



أيها المسلمون أيها الشباب- إن كان المصطفى يتوب فى التوبة إلى رب الأرض والسموات فى اليوم الواحد آلاف المرات، فوالله لا ينفك مسلم عن معصية صغرت أم كبرت، ظاهرة أم باطنة، فنحن نحتاج إلى التوبة بعدد أنفاس حياتنا فى هذه الدنيا. وأبشرك بأن الله تعالى لا يغلق باب التوبة أبداً حتى تبلغ روحك الحلقوم أو حتى تطلع الشمس من مغربها، فتدبر كلام الصادق المصدوق الذى لا ينطق عن الهوى.

ففى صحيح مسلم من حديث أبى موسى أن النبى قال: " إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها"([3])



وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة أن النبى قال: "ينزل الله – عز وجل- إلى السماء الدنيا" .. ينزلا نزولا يليق بكماله رجلاله فكل ما دار ببالك فالله بخلاف ذلك. {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} (5) سورة طـه ، استوى كما أخبر وعلى الوجه الذى أراد، وبالمعنى الذى قال: استواء منزها عن الحلول والانتقال. فلا العرش يحمله ولا الكرسى يسنده، بل العرش وحملته والكرسى وعظمته، الكل محمول بلطف قدرته مقهور بجلال قبضته.

فالأستواء معلوم والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة لا تسأل كيف يتنزل، فإن الله يتنزل كل ليلة إلى السماء الدنيا تنزلا يليق بكماله وجلاله، فكل ما دار ببالك فالله بخلاف ذلك { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ} (11) سورة الشورى {لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ} (103) سورة الأنعام قال تعالى {فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (74) سورة النحل قال سبحانه {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا} (110) سورة طـه قال جل جلاله {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ} (1 ، 4) سورة الإخلاص أحد فى أسمائه، أحد فى ذاته، أحد فى صفاته، أحد فى أفعاله.



قال أعرف الناس به :" إن الله لا ينام ولا ينبغى له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، ويرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، حجابه النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه"([4]) .. ينزل الله عز وجل كل ليلة إلى السماء الدنيا، ويقول سبحانه



وتعالى: " أنا الملك من ذا الذى يدعونى فأستجيب له، من ذا الذى يسألنى فأعطيه، من ذا الذى يستغفرنى فأغفر له" فلا يزال كذلك حتى يصىء الفجر.([5])



فأين أنت؟ تقضى الليل أمام الأفلام الداعرة، أفق أيها المسكين! يا من قضيت العمر أمام المسلسلات والأفلام قم وانتبه! قم فإن الموت يأتى بغتة. المولى جل جلاله ينادى عليك وأنت فى غفلة: أنتبه:



دع عنك ما قد فات فى زمن الصبا
لم ينسها الملكان حين نسيته
والروح منك وديعة أودعتها
وغرور دنياك التى تسعى لها
الليل فاعلم والنهار كلا هما
ذ

واذكر ذنوبك وابكها يا مذنب
بل أثبتاه وأنت لاه تلعب
ستردها بالرغم منك وتسلب
دار حقيقتها متاع يذهب
أنفاسنا فيهما تعد وتحسب






الله جل جلاله ينادى عليك فيقول: " أنا الملك من ذا الذى يدعونى فأستجيب له، من ذا الذى يسألنى فأعطيه، من ذا الذى يستغفرنى فأغفر له فلا يزال كذلك حتى يضىء الفجر". .



وفى الصحيحين من حديث أبى هريرة – – أن النبى قال: "قال الله عز وجل فى الحديث القدسى: " أنا عند ظن عبدى بى، وأنا معه إذا ذكرنى، فإن ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى ، وإن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير منهم، وإن تقرب منى شبراً تقربت إليه ذراعاً، وإن تقرب منى ذراعاً تقربت إليه باعا، وإن أتانى يمشى أتيته هروله"([6]) {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن



رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ } (53) سورة الزمر



فهيا أيها المسلم! هيا إلى هذا الفضل العظيم، فوالله لو عرفت فضل التوبة ما تركت التوبة طرفة عين ... وهذا هو عنصرنا الثانى من عناصر اللقاء ..



فضل التوبة: وأعظم فضل للتوبة أنها سبب لمحبة الرب للعبد . هل تدبرت ما ذكرت أيها الكريم الفاضل؟ أقول: إنها سبب لمحبة الرب للعبد ولم أقل التوبة سبب لمحبة العبد للرب، فمن أنت ليحبك الملك؟! قال جل وعلا فى الحديث القدسى الذى رواه الإمام البخارى من حديث أبى هريرة يقول تعالى: " من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب.." " من عادى لى وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلى عبدى بشىء أحب إلى مما أفترضه عليه ، ولا يزال عبدى يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذى يسمع به وبصره الذى يبصر به، ويده التى يبطش لها، ورجله التى يمشى عليها ولئن سألنى لأعطينة ولئن استعاذنى لأعيذنه".. ([7])



ماذا لو أحبك الله؟ اسمع ! يقول النبى كما فى حديث أبى هريرة: "إذا أحب الله عبداً دعا جبريل عليه السلام". " إذا أحب الله عبداً دعا جبريل عليه السلام.
وقال : يا جبريل إنى أحب فلانا فأحببه" وتذكر أنت عند الملك ويذكر أسمك ملك الملوك" إنى أحب فلانا فأحببه، يحبه جبريل ، ثم ينادى جبريل فى أهل السماء، ويقول: يا هل السماء إن الله يحب فلانا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم ينادى جبريل فى الأرض، فيوضع له القبول فى الأرض"([8])



حيثما توجه، وضع الله له القبول إذا احبه الله سبحانه، وإذا أبغض الله عبداً دعا جبريل وقال:" يا جبريل إنى أبغض فلانا فأبغضه فيبغضه جبريل وينادى جبريل، لأهل السماء فيبغضه أهل السماء ثم ينادى على أهل الأرض فتوضع له البغضاء فى الأرض" أعاذنى الله وإياكم من البغضاء.



فإن أحبك رب الأرض والسماء سعدت فى الدنيا والآخرة، ولو أحبك مسئول سعدت فى دنياك، فكيف لو احبك من بيده الدنيا والآخرة، سعدت فى الدنيا وسعدت فى الآخرة، أسأل الله أن يجعلنى وإياكم من أهل السعادة فى الدنيا والآخرة.



ثانياً : من فضائل التوبة: أنها سبب لفرح الرب بالعبد .. الله يفرح لا تعطل ولا تكيف ولا تمثل. اسمع ماذا قال أعرف الناس بربه وهو المصطفى كما فى الصحيحين من حديث أنس بن مالك: "لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة، فاتفلتت منه راحلته وعليها طعامه وشرابه فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع فى ظلها وقد أيس من راحلته"([9]) .



المعنى: رجل يركب حماراً أو ناقة أو حصاناً دابة عليها الطعام والشراب ويمشى فى صحراء مقفرة، مهلكة. وفجأة انفلتت الدابة: جرت، فضاع الطعام وضاع الشراب، وضاعت الركوبة التى يركبها فى هذه الصحراء فاستسلم للموت، فرأى شجرة فانطلق إليها ونام فى ظلها ينتظر الموت، لأنه لا يجد طعاماً ولا شراباً ولا ظهراً يركبه. يقول المصطفى : " وبينما هو كذلك إذا به يرى راحلته قائمة عند رأسه وعليها الطعام والشراب".



فتصور معى أخى الحبيب الفرحة العارمة لهذا العبد فقال: "اللهم أنت عبدى وأنا ربك" أخطأ من شدة الفرح .. فرح الله بك إن تبت إليه أعظم من فرح هذا العبد بعودة دابته إليه.



ثالثاً: من فضائل التوبة: أنها سبب لنور القلب ومحو أثر الذنب، يا له من فضل !! التوبة سبب لنور القلب ومحو أثر الذنب، انتبهوا يا شباب! فلينتبه كل مسلم وكل مسلمة، فلا يستغنى عن هذا الموضوع عالم ولا حاكم ولا رجل ولا امرأة ولا شاب ولا شابة كلنا فى حاجة إلى التوبة.



التوبة سبب لنور القلب ومحو أثر الذنب، إن صدقت مع الله فى توبتك طهرك الله بتوبتك من كل ذنب كبر أم صغر كما سأبين لحضراتكم الآن، يقول المصطفى فى الحديث الذى رواه الترمذى والحاكم بسند صحيح من حديث أبى هريرة: " إذا أذنب العبد نكت فى قلبه نكتة سوداء" ([10]) .. إن الذنب



ينكت نكتة سوداء فى القلب، لأن الفتن تعرض على القلوب لا على الأبصار والآذان فحسب.

يقول الحبيب محمد كما فى حديث حذيفة بن اليمان:" تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً، فأى قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء، وأى قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، حتى تعود القلوب على قلبين. قلب أسود مرباد كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكراً إلا ما اشرب من هواه ([11]) وقلب أبيض لا تضره فتنة ما دامت السموات والأرض.." إذا أذنب المؤمن نكت فى قلبه نكتة سوداء، اسمع! يقول المصطفى : "فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه" يعود الإيمان والنور إلى القلب مرة ثانية، لأن للإيمان نوراً فى القلب.

أكرر وأقول: إن للإيمان نوراً فى القلب كما قال الحبيب فى حديثه الصحيح الذى رواه أبو نعيم والدارمى من حديث على وصححه الألبانى أن الحبيب النبى قال: "ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر فبينا القمر مضىء إذ علته سحابة فأظلم ، فإذا تجلت عنه اضاء..".



تدبر! كلام النبى النفيس يشرق القمر فى السماء، فتتحرك سحابة كثيفة مظلمة فتحجب السحابة المظلمة نور القمر عن الأرض، فذلك إن تحركت المعاصى على القلب حجبت نور الإيمان فى القلب، فإن انقشعت السحب المظلمة- سحب المعاصى والذنوب بالتوبة والأوبة والاستغفار ، عاد الإيمان فى القلب إلى نوره وإشرافه، كما يقول المصطفى : "إذا أذنب المؤمن نكت فى قلبه نكتة سوداء فإن تاب ونزع واستغفر صقل قلبه فإن زاد – اى من المعاصى والذنوب- زادت" أى زادت بقعة السواد فى القلب، وذلك الران الذى ذكره الله فى قوله : {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ * كَلَّا إِنَّهُمْ عَن رَّبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَّمَحْجُوبُونَ} (14 ، 15) سورة المطففين فالتوبة أحبتى فى الله سبب لنور القلب ومحو أثر الذنب.



رابعاً: من فضائل التوبة: التوبة سبب للحياة السعيدة فى الدنيا والآخرة، من أراد المال فعليه بالتوبة وسأذكر لك ذلك بالدليل من القرآن، من أراد مالا وغنى فعليه بالتوبة، من حرم من نعمة الإنجاب وأراد الأولاد والذرية فعليه بالتوبة.. من أراد الحياة السعيدة الهانئة فى الدنيا فعليه بالتوبة .. من أراد الحياة السعيدة فى الآخرة فعليه بالتوبة: اسمع لربك جل وعلا: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا * مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَارًا} (10 ، 13) سورة نوح .



ما لكم لا توحدون الله حق توحيده ولا تعبدون الله حق عبادته ولا تقدرون الله حق قدره، {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} انظر إلى نتائج الاستغفار والتوبة {يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا} يا من تخشون قلة المال توبوا واستغفروا رب الأرض والسماء {يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا} بالمطر والغيث، لأن الذى يملك المطر والغيث هو الله {وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا} {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ} (96) سورة الأعراف ... يا من أردت المال عليك بالتوبة ... ويا من حرمت من نعمة الولد عليك بالتوبة والمداومة على الاستغفار.

ارجع إليه واعلم ان التوبة سبب للحياة الكريمة السعيدة فى الدنيا والآخرة. والله لا سعادة فى الآخرة، إلا لمن تاب إلى الله- فى الدنيا وداوم على التوبة {يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ * فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (105 ، 108) سورة هود اللهم اجعلنا من أهل السعادة.

فهيا ايها الكريم عجل الآن وبادر بالتوبة.. يا نادماً على الذنوب أين اثر ندمك؟! أين بكاؤك عل زلة قدمك .. يا اسير الخطايا أين الدموع الجارية.. يا من بارز ربه بالقبائح أتصبر على الهاوية؟! فوا أسفاه إن دعيت اليوم غلى التوبة وما لبيت .. واحسرتاه إن ذكرت الآن بالتوبة وما أنبت.

هيا بادر بالتوبة ولا تؤجل ولا تسوف ، فإن الموت يأتى بغتة، وقد سبقك على الطريق كثير من الأطهار والأبرار والأخيار.

وهذا هو عنصرنا الثالث: شموس مضيئة فى سماء التوبة:

واستهل بأحاديث النبى المصطفى .. يبين لنا النبى أن رجلاً قتل مائة نفس .. ومع ذاك لما تاب إلى الله وصدق فى توبته تاب الله عليه، اسمع ماذا قال الحبيب المصطفى كما فى الصحيحين من حديث أبى سعيد الخدرى قال : " كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فأراد أن يتوب فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على راهب (يعنى عابد من عباد بنى إسرائيل لكن لا علم لديه)- فذهب إليه وقال: لقد قتلت تسعة وتسعين نفساً فهل لى من توبة فقال: لا ، لا توبة لك فقتله فكمل به المائة، وأراد أن يتوب مع ذلك فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل عالم".. وما أحوج الأمة إلى العلماء، فإن العلماء هم الشموع التى تحترق ، لتضئ للأمة طريق نبيها ، هم القادة الحقيقيون فى الأمة الذين يسيرون على طريق الأنبياء إن العلماء ورثة الأنبياء أسأل الله أن يبارك فى علماء الأمة.

"فدل على رجل عالم فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة قال: نعم ومن الذى يحول بينك وبين التوبة، لكن أذهب إلى أرض كذا فإن فيها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم" (غير البيئة فلابد من تغير البيئة، بيئة المعصية والبعد عن الله لابد من تغيير الصحبة التى تحول بينك وبين الطاعة وبين دروس العلم، صحبة تقول لك: لا، احذر! لا تذهب إلى المساجد واحذر أصحاب اللحى انتبه فإننا نريد أن نربي الأولاد وإننا نريد أن نعيش.

وطائفة تقول لك: تعال إن فلانا قد اشترى دشا يأتى بالأفلام الداعرة، تعالى لنقضى الليل عنده، وإن رجلاً يقول لك: إن المقهى الفلانى يقدم البانجو بأرخص الأسعار غير البيئة وغير الصحبة وإلا فلن تتمكن من التوبة والأوية إلى الله).

"لكن اذهب إلى أرض كذا فإن فيها أناساً يعبدون الله، فاعبد الله معهم ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء" فانطلق الرجل إلى أرض التوبة فقال
الحبيب : " حتى إذا نصف الطريق- أى وصل إلى منتصف الطريق- أتاه الموت" مات "فاختصمت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب قالت ملائكة الرحمة: لقد جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرا قط .. فبعث الله إليهم ملكا حكماً فقال الملك: قيسوا المسافة بين الأرضين فإلى أيتهما هو أقرب فهو من أهلها".. " يعنى إن كان قريباً من الأرض التى ارتكب فيها المعاصى فلتقبضه ملائكة العذاب، وإن كان قريباً من الأرض التى ذهب ليتوب فيها إلى الله عز وجل فلتقبضه ملائكة الرحمة".
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://3ebadelrahman.ahlamontada.com
 
التوبه النصوح للشيخ محمد حسان
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
عباد الرحمن :: اسلاميات :: مواضيع اسلاميه-
انتقل الى: